الصحافة و الاعلام
السلطة الرابعة بين الوهم و الحقيقة
مقال تحليلى بقلم \ جمال الشرقاوى
هل الصحافة و الاعلام فعلا سلطة رابعة ؟! و هل الصحافة و الاعلام لهما سلطة حقيقية مثل باقى السلطات ام انها اكذوبة و محض خيال ؟! و لو وصل بهما الحال الى ان يكونا تابعين للدولة و اصبحا بوق رسمى يمشى فى ركابه كل الناعقين من كل حدب و صوب ماذا يفعل الصحفى الحر الذى له رايا مستقلا يريد ان يجهر به ؟! و هل لو صارت الصحافة و الاعلام كوسائل تعبيرية مهمة و قوية فى يد الدولة فهل نحكم على الاحرار و ارائهم الحرة بالموت او على اقل تقدير بالسجن المؤبد و فى هذه الحالة ماذا نحن فاعلين كصحافيين و اعلاميين هل نستكين ؟! هل يضيع الحق بيننا فيلعننا الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم ؟!
نعم الصحافة و الاعلام سلطة رابعة و السلطات الثلاث هم السلطة التشريعية التى تسن القوانين و السلطة التنفيذية و هى الحكومة بمؤسساتها و اجهزتها الرسمية و السلطة القضائية و السلطة الرابعة هى الصحافة و الاعلام و لكنهما يترعرعان بالنمو الحقيقى و يزدهران فى ظل الديمقراطية الاصلية لا فى ظل الديكتاتورية السوداء و لا فى ظل الديمقراطية الشكلية و الاسمية و من ينظر فى عالمنا العربى قديما و حديثا يجد ان الصحافة و الاعلام كسلطة رابعة بكل جبروتهما تابعين للنظام اذا ما شاء الحاكم و نظامه تكميم الافواه فيستطيع ذلك بكل بساطة و العكس تماما فى الغرب حيث تزدهر الصحافة و الاعلام فى ظل الديمقراطية و حقوق الانسان المكتسبة و المشروعة و قد اطلق مصطلح السلطة الرابعة على الصحافة و الاعلام عموما و على الصحافة بشكل خاص و قد ظهر هذا المصطلح لاول مرة فى منتصف القرن التاسع عشر و هويستمد قوته من انه يشكل الراى العام و يؤثر على الجماهير و ربما يكون من الخطأ عند العرب عموما فهم هذا المصطلح بالترجمة الحرفية له على انه سلطة رابعة بعد السلطة التشريعية و السلطة القضائية و السلطة التنفيذية لانه اضيف اليهم سلطة رابعة بالاسم فقط لانه يؤثر على الجماهير حقيقة و لكن ليس له صلاحيات السلطات الثلاث و الدليل ان الصحافيين و الاعلاميين فى العالم العربى يتعرضون للسجن و الاهانة و الاعتقال بسبب مقال او اظهار حق لان الصحفى و الاعلامى المنافق لا يتعرض لادنى اذى و الحقيقة قد ينتكس الصحفى الحر و غير الحر لكن على وجه الخصوص الصحفى الحر و دوره المؤثر و لا يستطيع التاثير فى الراى العام فى ازمنة القهر و عصور انحطاط الفكر لكن تضمن الاعلان العالمى لحقوق الانسان عام 1948 م الحقوق السياسية التالية الحق فى حرية الراى و التعبير المادة 19 و الحق فى الاعلام المادة 19 و الحق فى التجمع و تاليف الجمعيات المادة 21 و الحق فى المشاركة فى الحكم و الوظائف العامة المادة 21و انا اعتقد ان هذا الكلام لا يؤخذ على اطلاقه بهمجية و الا تحولت حرية الصحافة الى فوضى تضر اكثر مما تنفع و هنا يضيع الراى العام و تتوه الشعوب و تضعف قوة التاثير الصحفى الى ان تنضبط حرية الصحافة و قوانين الصحافة و بالرغم من ذلك الاعلان تكمم افواه الصحافيين و الاعلاميين
اما فى حالة فشل وسائل الصحافة و الاعلام المسموعة و المرئية و المقرؤة التابعة للحكومة ما هو دور الصحفى الحر فى اظهار الحقائق التى لابد من اظهارها لان ذلك الامر من شرف المهنة الصحفية؟!و للجواب محاور عدة سنجملها
لاننا كما قلنا منذ لحظات ليس بالضرورة ان تكون جميع وسائل الصحافة و الاعلام طالما هى مملوكة للحكومة ان تكون فاشلة الا فى دول الوطن العربى الديكتاتورية و الممالك المستبدة و العروش السلطانية الكاسرة و الامارات المتوحشة و الجمهوريات العميلة انها فقط التى تقتل الراى الاخر دائما كى لا يبقى الا رايها هى فقط ذى النظرة الاحادية و هذا محور هام جدا اما فى بلاد الديمقراطية و المناخ الذى يشجع على الحياه الكريمة الانسانية فترى الراى و الراى الاخر بدون غجرية المعاملة من السلطة للراى الاخر المختلف عنها و هذا محور اخر و من المحال ان تتواطىء كل الدولة على الغش الجماعى لوأد الحقائق مستحيل و لكن لو افترضنا ذلك جدلا سيظهر الدور الصحفى و الاعلامى الحر من خلال وسائل الاعلام الغير حكومية و الغير موجهة توجيها مباشرا من قبل الدولة و بالتالى تضعف سيطرة الدولة عليها و هى وسائل الصحافة و الاعلام الخاصة المملوكة لاشخاص مثل البث الخاص و يديرها و يمتلكها الشركات المتعددة الجنسيات و مثل وسائل الاعلام المطبوعة كالجرائد و الكتب و المجلات المملوكة لاشخاص و مثل وسائل الاعلام المجتمعية التى تناقش حياة و مشاكل المجتمعات و وسائل الاعلام الحزبية التى تعبر عن وجهة نظرها الخاص بعيدا عن سيطرة الدولة و هذا محور و اهم وسيلة اعلامية فى العالم الان و هى الانترنت و هى التى تشكل الراى العام العالمى و المحلى بالفعل لانها حرة بعيدة عن سلطة الحكومة و يصعب السيطرة عليها و المواقع الاليكترونية العديدة التى يصعب حصرها و كذلك الهواتف المحمولة التى صارت من وسائل الاعلام فى العصر المعاصر و خاصة بعد ان اقترنت بالانترنت و كل هذه المجالات تجعل من الصحفى و الاعلامى الحر يجهر برأيه دون خوف او وجل و هذا الاعلام الاليكترونى و هذه الصحافة الاليكترونية ذات الابعاد التكنولوجية المتعددة بميزاتها الرهيبة تستطيع توصيل الراى العام و الخاص الى كل الدنيا فى ثوانى معدودة و هى التى توجه الراى العام العالمى حقا و هى بمثابة الراى الاخرلصحافة و اعلام الدولة اذا ما طغى و بغى
كتبت هذا المقال فى القاهرة \ يونية \ الاربعاء 1\ 6 \ 2011 م الساعة 5 الفجر \ جمال الشرقاوى \
[ صحفى \ وكالة انباء مصر ]
