القنوات الوهابية السلفية و شرخ المجتمع العربى
[1]
" الاستعمار الدينى "
رؤية تحليلية بقلم \ جمال الشرقاوى \
كان المجتمع العربى طوال عمره حتى فترة الستينيات لا يفرق بين المسلم و اليهودى و النصرانى الذين يعيشون معا فى المجتمع الواحد و كانت عند الشعوب العربية حتى اخر فترة الستينيات من القرن الماضى القومية و الوطنية وجهان لعملة واحدة و بالتالى فالمواطنة حق لكل البشر و الاديان و بغض النظر عن جنسية الاخر و دينه و لونه فالدين لله تعالى و الوطن حق لكل الناس و الكل يندرج تحت راية الانسانية و لكن فى اوائل السبعينيات من القرن الماضى ظهرت الوهابية السلفية بافكارها المتطرفة و غزت العالم العربى كله و مرت على انها الدين الاسلامى او التيار المحافظ و لم يفطن احد الى شراسة ذلك الفكر المتنطع الاستعمارى الدينى الذى اراد التوسع فى الدول المجاورة و فرض سيطرته عليها باسم الدين المتمثل فى القران و السنة و بدون قتال و انا اطلق عليه اسم " الاستعمار الدينى " الذى بدأ يزحف نحو بلادنا مستخدما عنصرى الدين و المال و بدأ ينتشر هذا الفكر فى السبعينات لما ذهب العلماء الازهريين الى السعودية للتدريس ففرضوا الوهابيون السلفيون من ال الشيخ احفاد محمد ابن عبد الوهاب و ال سعود عليهم المنهج الوهابى الذى من اهم سماته الدولة الدينية المتمثلة فى العودة الى الدين و الحكم بكتاب الله تعالى و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و عدم موالاة الكفار " اليهود و النصارى " او اى ملة اخرى من ملل الكفر التى لا تدين لله تبارك و تعالى و لا تتبع سنة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام و من هنا و من اجل المال صار كل من يذهب الى السعودية مُعارا من اى دولة فقيرة كى يحصل على المال و يضمن ان يظل فى المملكة العربية السعودية " المملكة العربية الوهابية " للثراء و جمع المال عليه ان يخضع لمناهجهم المتعفنة و يشرب من بئر الفقه التى عفا عليها الزمن و ردمت من قرون ؟! و من هنا تأثر الاساتذة الدارسون بهذا المنهج و صاروا متعصبين و متشددين بسبب مخالطتهم و مجالستهم للوهابيين السلفيين من ال سعود بضع من السنين و بعد ذلك حملوا الى بلادهم لما رجعوا متأثرين بذلك المنهج العفن التعصب و التشدد و النظرة الاحادية الضيقة و حملوا كلمات حق مثل " الحكم بكتاب الله تعالى و سنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم " و لكن يُراد بها باطل و هؤلاء الاساتذة تعصبوا فى الدين و لم يكونوا يعلمون انه مخطط من ال الشيخ و ال سعود للاستعمار الدينى و السيطرة على البلاد العربية ليرجعوا للخلف قرونا و قرون ليمارسوا دور الخليفة الامر الناهى فى المنطقة العربية على الشعوب الاسلامية و من هنا سمحوا لانفسهم ان يمارسوا الحجر على تصرفات الغير باسم الدين كما هى عادة السلفيين الوهابيين و ايضا فلو تأثر اساتذة الجامعات على سعة علمهم بهذا المنهج العفن و المستنقع الفكرى الاسن و لم يفطنوا له اذن سوف يتأثر بطريق الاولى عوام الناس و الجهال الذين يعملون هناك و بعد ان يأتوا يتحدثون الى اهليهم و ذويهم عن انهم كانوا فى بلاد الدين و كانوا فى جنة القران و السنة و هو انبهار من العوام لا اكثر و لا اقل و الباعث على ذلك هو الحب الدفين فى النفس الى المكان الذى اغدق عليها بالمال فأصبحت فى نعمة بعد فقر و بحبوحة من العيش بعد ضيق و الدليل على صحة كلامى ان بعضا من العوام بعد ان يغادر المملكة العربية " الوهابية " و يعود الى بلاده يطلق اللحية و يتشدد ثم يتلاشى فى نفسه التأثير بعد ان يجلس فى وطنه وقتا كبيرا فيحلق اللحية و بعضهم يعود بالتشدد الاعمى و يعتقد ان هذا هو الدين و القران و السنة و من هنا تحديدا انتشرت الوهابية و لكن بعد ظهور الفضائيات و تمكن هؤلاء الشراذم منها بل و صار بعض الاتباع المتنطعين صبيان السعوديين من ال الشيخ و ال سعود يملكون الفضائيات و بثوا سمومهم من خلالها للمواطن العربى المسلم المعتدل انقلبت الموازين و حدث الشرخ العربى فى البلاد الاسلامية و انقتلت الوطنية و المواطنة و القومية و روح التآخى بين اهل الوطن الواحد و البلد الواحد من المسلمين و النصارى و اليهود لانهم تكلموا و افاضوا فأساؤا الى اهل الكتاب من النصارى و اليهود فجائت الفتن سريعا كالبرق و الوهابيون السلفيون الاغبياء لا يدركون معنى غثاءهم و قيئهم على المسلمين فالسعودية ام الوهابيين السلفيين ليس بها يهودا او نصارى فمن اجل ذلك تتكلم كما يحلو لها عن احكام اهل الذمة و كيفية معاملة اليهود و النصارى فى الاسلام و سماحة الاسلام مع اهل الكتاب و هم ينافقون بكلام ينقلونه من الكتب نقلا و الباعث على ذلك انهم ليس لديهم فى بلادهم يهودا و لا نصارى اما نحن ففى بلادنا يختلط اليهود و النصارى بالمسلمين فماذا نفعل ؟! هل نطبق احكام اهل الذمة ؟! و هل نطبق عليهم الشريعة الاسلامية ؟! هل نمنعهم من ان يكونوا مواطنين مشاركين فى الوطن ؟! هل نمنعهم من ممارسة حق المواطنة ؟! هل نمنعهم من ان يكونوا وطنيين ؟! هل نمنعهم من التغنى بالقومية العربية ؟! ماذا نفعل نحن كمسلمين فى هذا الموقف الحرج ؟! و ماذا يريد الوهابيون السلفيون من ال سعود و ال الشيخ و اتباعهم الصبيان على مستوى العالم اجمع ان نفعل ؟! ان مثلنا و مثل هؤلاء الوهابيين السلفيين من ال سعود و ال الشيخ كمثل رجل يملك قوة و مالا و جاها و متزوج باربعة من النساء و عنده حفنة من الاولاد و الخير يأتى اليه من كل حدب و صوب و مع ذلك يقع فى المنكرات و الاخر ضعيفا لا يملك مالا و لا جاها و غير متزوج و لا يملك قوت يومه و المغريات حوله كثير لا يملك دفعها عن نفسه و فى نفس الوقت لا يصبر عليها فإذا بالرجل الذى يملك المال و القوة و الجاه و المتزوج بأربعة نساء يقول للضعيف الذى لا يمللك قوت يومه إملك نفسك و اصبر و " ومن لم يستطع الباءة " تكاليف الزواج " فعليه بالصوم " و مثل احاديث النقل التى لا تنطبق على واقعنا المعاصر اقول خلاصة ذلك المثل ان هؤلاء الاغبياء لا يدركون اننا لو عملنا مثلما يعملون هم لصارت فى بلادنا بحورا من دم فهم لا يحسون بنا اطلاقا و ليس لديهم رحمة و لا عدل و لا انسانية و لا يفهمون الدين ابدا
كتبت هذا المقال فى القاهرة \ يونيه \ الاثنين
27 \ 6 \ 2011 م الساعة 40و8 صباحا
جمال الشرقاوى
[ صحفى \ وكالة انباء مصر \ ]